قصة مدفع رمضان
هل فكرت يوما من أين جاء هذا التقليد
كثيرة هي الراويات التي تحكي قصّته لكنّها على اختلافها وافتقارها للدقة العلمية التّاريخية تجمع أنّ أوّل بلد استخدم فيه هذا المدفع كان مصر، وبالتحديد مدينة القاهرة.
حيث تقول إحدى الروايات:
الأولى : إن مدفع الإفطار يعود إلى قصة مدفع "الحاجة فاطمة "ابنة "الخديوي إسماعيل" في مصر، ويقدرون عمر المدفع الرسمي بمائة وخمسين عاما، وملخصها أن المصادفة وحدها كانت هي سبب ظهور مدفع الإفطار، ويذكرون أن بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل كانوا يقومون بتنظيف أحد المدافع الحربية فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة، وبالمصادفة كان ذلك وقت أذان المغرب في رمضان، فاعتقد المصريون أن أمراً من الحكومة صدر، وصار المدفع حديث الناس وأعجبت بذلك الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل وأصدرت فرماناً بانطلاق المدفع وقت الإفطار والسّحور.
الثانية : أن محمد علي الكبير في مصر كان في عام 1805 يجرب مدفعاً جديداً من المدافع التي استوردها من ألمانيا في إطار خططه لتحديث الجيش المصري، فانطلقت أول طلقة وقت أذان المغرب في شهر رمضان، فارتبط صوته في أذهان العامة بإفطار وسحور رمضان، وهذا يعني أن عمر المدفع مائتا عام .
الثالثة : تعيد ظهور مدفع رمضان إلى خمسمائة عام في عصر المماليك ، حيث يقال أن والي مصر خوشقدم و يعني ( القدم الجيدة ) كان يجرب مدفعاً جديداً أهداه له أحد الولاة وتصادف أن الطلقة الأولى جاءت وقت غروب شمس أول رمضان عام 859هـ وعقب ذلك توافد على القصر أعيان القاهرة يشكرونه على إطلاق المدفع في موعد الإفطار.
إلا أنّ التّاريخ يشير إلى أنه تم اختراع المدفع في عصر السلطان العثماني محمد الفاتح كما ورد في موسوعة الأسدي، وهو أول من استعملها في حصار القسطنطينية سنة 1453، ولم تكن المدافع معروفة في عصر المماليك، مما يضعف من الرواية الأخيرة.
وقد توقف المدفع في بعض الأعوام عن الإطلاق بسبب الحروب خاصة فترات الحروب العالمية ولكن وزير الداخلية المصري قد قرر إعادة إطلاق المدفع مرة أخرى ،
أما في دمشق
فقد شهد مدفع الإفطار والسحور عدة تطورات في مكانه ونوعية الطلقات التي استخدمت فيه فحتى نهاية العصر العثماني كان مدفع رمضان يطلق من قلعة دمشق وبساتين الربوة، وبعد تنامي العمران في المدينة وخشية تأثيره على بنيان القلعة تم نقله في عهد الانتداب الفرنسي إلى خارج مدينة دمشق وتم وضع مدفع في الربوة ومدفع في بساتين الشاغور قرب باب كيسان، وكان صوت المدفع قويا يسمع في جميع أنحاء دمشق .
وفي الخمسينيات تم استبدال مدافع الذخيرة الحية بمدويات صوت كانت توضع في عدد من حدائق دمشق ومنها حديقة الثريا في الميدان، حيث يتم وضع اسطوانة في أرض الحديقة وتوضع فيها كمية من البارود ضمن قطعة قماشية ويتم إشعال فتيلة مرتبطة بها، وعندما تشتعل تندفع حشوة البارود عاليا وتطلق في الجو دون إحداث أي ضرر، وتختلف شدة الصوت قوة وضعفا بكمية البارود الموضوع في الحشوة.
ويتولى قسم شرطة محافظة دمشق الآن عملية إطلاق مدفع رمضان والأعياد والمناسبات، حيث يقوم مندوب عن القسم بالمكوث في مكتب القاضي الشرعي الأول بدمشق وعند إعلان ثبوت الشهر يتم إعلام المحافظ الذي يوعز بإثباته عبر مدويات الصوت وهي التسمية الرسمية لمدفع رمضان في مدونات القسم المذكور.
رغم ذلك من منا لا يعشق هذا الصوت ومن منا لايحمل الكثير من الذكريات المرتبطة به
رمضان كريم