قبيلة عتيبة احلاف من كنانة وحمير وطيئ وهمدان
يدعي بعض العتبان أنهم من قبيلة هوازن....عبر بعض المصادر الحديثة المتهافته....والتي لا قيمة لها ولا إعتبار أمام المصادر التاريخية القديمة المعتبرة.....
التي تؤكد أن قبيلة عتيبة : عبارة عن أحلاف .. من كنانة .. وحمير ..وقبيلة همدان...وقبيلة طيء...وليس لها أي علاقة بقبيلة هوازن....
وانا واخي الشيخ النسابة تركي القداح العتيبي لنا رأي موثق وصحيح بأن قبيلتنا ( عتيبه ) ليست من هوازن ولا يوجد علاقة بين عتيبه وهوازن لا من قريب ولا من بعيد .
وأطرح أمامكم بحثاً....عبر المصادر التاريخية المعتبرة والموثقة...وأقوال المؤرخين والباحثين....
والبحث يتكون من محورين:
المحور الأول بيان حقيقة نسب قبيلة عتيبة :
إن الطريقة التي يتم التعاطي بها مع نسب قبيلة عتيبة في البحوث التي اجتهدت ونسبتهم إلى هوازن هي طريقة مغلوطة من الأساس لا تعرض على من يفهم التاريخ إلا ويرفضها.
وأكثر من يتبناها أو يدافع عنها لم يتصورها ولم يفهمها كما ينبغي !!
بمعنى أنه يدافع عن إيمانه بالنسب الهوازني ولا يكلف نفسه البحث في صحة الخطوات الموصلة لهذه النسب المزيف !!!
وقد لاحظت أن المقتنعين بفكرة النسب الهوازني لعتيبة هم في الحقيقة يحاولون إرغام أنفسهم على الإقتناع بأنها فكرة مدعمة بأدلة قاطعة !!
ويغالون في وصف أدلتهم بأنها لا تقبل التشكيك .. !!
ويحاولون التخلص من إحساسهم المزعج برفض العلماء والباحثين لهذا القول بإقناع أنفسهم أن جميع العلماء والمؤرخين والنسابين والباحثين القائلين بخطأ هذا النسب مجرد أناس لا يفقهون شيئا من علم النسب !!
وأنا في الحقيقة أعتبر هذا النوع من القناعات أزمة في التفكير أكثر من كونه نقص في الأدلة !!
وما لاحظتة إذا سألت أي شخص من قبيلة عتيبة ممن يرى نسبة قبيلتة الى هوازن عن دليله الذي يعتمد عليه فسوف يجيبك (بلا تردد) بشن هجوم عنيف وسبك والطعن فيك!!!
الحقيقة أن كل ما في الأمر أن صاحب هذا الجواب واقع تحت تأثير برمجة فكرية خاطئة تجعله يتصرف تلقائيا بهذا الشكل .. ويتصور أن هذا هو المسار الطبيعي للمسألة !!!
والذي يريد ان يصر على ان عتيبة من هوازن ، اريد ان اسأله ـ عن أقدم المصادر التاريخيه التي ورد فيها ذكر "عتيبه" كقبيله عدنانيه ... وأكرر ـ كقبيله عدنانيه؟اتحدى أي أحد أن يأتي لي باأي مصدر تاريخي موثوق فيه ذكر لعتيبه كقبيله عدنانيه .. وأكرر كقبيله ـ عدنانيه .
فقد تشكلت في فترة متأخره ليست معروفة على وجه التحديد.
قبيلة "عتيبه" المعروفة الأن ، هي عبارة عن أحلاف من حمير وهمدان وطيء، لم يرد لها ذكر في الكتب والمصادر التاريخيه الموثوقه القديمة..أي علاقة بهوازن...كقبيلة..
افتح أي كتاب تاريخي موثوق مثل :
"نسب معد واليمن الكبير " لأبن الكلبي.
أو "جمهرة أنساب العرب" لأبن حزم الأندلسي.
أو "نهاية الأرب" للقلقشندي.
وقلب صفحات هذه الكتب من أولها الى أخرها ثم ائتني بااسم قبيلة تدعى "عتيبه".
إذن من هي عتيبة......؟ هذه أقوال المؤرخين والباحثين:
1- "من هي عتيبة : لم يسعفنا التاريخ ولم اجد فيما بين يدي من مراجع اسما قديما لعتيبة ولاما يدل على انها كانت قبيلة او فخذا من قبيلة". معجم قبائل الحجاز – عاتق البلادي.
2- إن كل ما يقال عن نسب عتيبة وعن أنساب بطونها ظن وتقريب وليس عند أحد برهان قاطع . ( الشعر العامي 1: 115- الأديب أبو عقيل الظاهري.
3- "لا علاقة لقبيلة بني سعد بن بكر بن هوازن بنسب عتبة ، فسعد شئ وعتيبة شئ آخر" . الباحث هنيدس العتيبي
4- "سمط النجوم العوالي"، ج4 ص515، وفي النص قال العصامي(ت 1111 هـ ) من خبر عن النفعة: "...فأتاهم بنو سعد وعتيبة".
5- "منذ عرفت القراءة وبدأت أبحث في أنساب العرب وأنا أسمع أن هذه القبيلة من هوازن بدون دليل وكنت أصدق هذه المقولة كغيري وبعد بحث طويل ,إكتشفت أن هذه المقولة باطلة ووجب علي إبلاغها". الباحث حمدان المطرفي.
وهذا النسب الحقيقي لقبيلة عتيبة...وعلى الجميع ملاحظة تاريخ وفاة المؤرخين....وكلما كان مؤرخين الأنساب من العصر القديم كلما كانت أقرب للصواب:
1- " عتيبة بن عبدالله بطن يعرف بابي عتيبة بن عبدالله من منبه بن عليان بن ارحب بن الدعام من الصعب بن دومان بن بكيل من همدان وهم العتيبات". معجم قبائل العرب عن الاكليل للهمداني (ت 334هـ).
2-" قبيلة عتيبه : عتيبه بن عبدالله بطن يعرف بابي عتيبه بن عبدالله بن منبه بن عليان بن ارحب بن الدعام بن الصعب بن دومان بن بكيل من همدان من القحطانيه وهم العتيبات".
الكابتن ج.فوستر سادلير. الذي أعد مذكرات طبعت في كتاب تحت عنوان : " رحلة عبر الجزيرة العربية خلال عام 1819م ".
أنساب فروع عتيبة: برقا وروق
أولاً: برقا....تنتسب برقا إلى قبيلة حمير...كما قال بذلك النسابه:
1- (برقا من عرب السد نزلوا السراه ) . وصايا الملوك: لدعبل بن علي الخزاعي الشاعر المشهور (ت246 )هـ.
2- 'برقا من عرب السد، انتقلوا من السد في قبائل الأزد، ونزلوا السراة، والسراة ما بين أبواء والطائف، وهم بها إلى الآن، وبرقاء عتيبة وأهل شيبان من حمير". المنتخب في ذكر نسب قبائل العرب– المغيري (ت 1364 هـ ).
ثانياً: روق....تنتسب إلى قبيلة طيء...كما قال بذلك النسابة:
1-"روق من غزية من طيء". أنساب العرب: سمير قطب , نقلاً عن الحمداني (ت 680 هـ), والقلقشندي(ت 821 هـ) , والسيوطي(ت 911 هـ) , والسويدي(ت 1246 هـ) , المُغيري( ت 1364 هـ).
2-"ان الروقة من بني لام لأن المغيري نص على ذلك وهو محقق وصل اليه من كتب الأنساب مالم يطلع عليه المعاصرون ، فعرب السد وبنو لام هم الأصل في عتيبة ولا نخرج منذلك الا بدليل قوي"(ديوان الشعر العامي 1/117. أبو عقيل الظاهري .
3-- "وفي ليلة السابع ذي القعده وصل السيد بركات مكه .وسرىمن ليله بعسكره للشرق لغزو عرب بني لام يقال لهم الروقه".غاية المرام . عزالدين القرشي (ت 922 هـ).
4- (روق من طيء).إبن فهد المكي (ت 885 هـ). كتاب ( إتحاف الورى).
أنساب بعض فروع برقا وروق...كالشيباني والعصيمي والعازمي:
1- الشيباني:" " وبنو شيبان بطن من زيد الجمهور، وشيبان بنعوف بن عمرو بن مالك بن زيد الجمهور بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية ابن جشم بنعبد شمس بن غوث بن قطن بن عريب بن زهير بن الأيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ,. ومن شيبان هذا أهل شيبان المعروفون في برقاء عتيبة". المنتخب في ذكر نسب قبائل العرب – المغيري (ت 1364 هـ ).
2- العصيمي:" ودخل بنو امر مناة في جشم بن بكر بن هوازن فقيل بنو عصيمة بن جشم وإنما هم بنو عصيمة بن اللبؤ بن امر مناة بن جعثة بن النمر بن وبره من قضاعة". جمهرة أنساب العرب- إبن حزم (ت 456 هـ).
وقضاعة كما هو معلوم أنها من حمير..
3- العازمي:" ومثل دخول العوازم من سبيع في الروقة من عتيبة " ( معجم أنساب الأسر المتحضرة من عشيرة الأساعدة ص19)- الشيخ ناصر الفهد.
المحور الثاني بماقيل في خؤولة الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ :
اذا ان ليس هناك مصادر قديمة معتبرة تثبت على وجودكم كقبيلة هوازنيه فكيف تتجراءون على القول بخؤولة الرسول ـ علية الصلاة والسلام ـ ولكن سوف اعطيكم على قدر عقولكم واتماشى مع اقوالكم ، ولكن اريد ان اوجه لكم سؤال مهم ، هل خؤولتكم للرسول ـ عليةالصلاة والسلام ـ خؤولة "مكتشَفه" .. أم خؤوله "موروثه" .. ؟!!
إن ما رأيناه في السنوات القريبة القليلة من زخم وحفاوة كبيرة وغير مسبوقة بهذه الخؤولة عند القائلين به .. والذي تمثل في شكل ثورة ((بحثية)) .. !! وسيل هادر من الشعر الذي يحتوي على ((مفردات خؤولة النبي)) ؛؛ ما هذا في الحقيقة إلا مظهرمن مظاهر التعبير (بانفعال وحماس شديد) عن الفرح والفخرباكتشاف هذا ((الكنز لخؤولة النبي)) الذي كان آباؤهمغافلين عنه !!
فهم يريدون تدارك الوقت وتعويض ما فاتهم من نقص في النسب ,, ولسان الحال يقول: (( ليس من المعقول أن نقف مكتوفي الأيدي كما وقف آباءنا بل لا بدمن رفع سقف الانتساب والافتخار إلى مستواه الحقيقي وهو الهوازنية وخؤولة النبي )) !!!
وكل هذه التصرفات هي أصدق دليل على أنه (خؤولة مكتشفه) لا (خؤولة موروثه)!!
ثم صاحب ذلكالزخم والحفاوة حملة دعائية ترويجية واسعة للمحافظة بشتى السبل على هذا الكنز الذيتم العثور عليه !!!
إذن هل هناك علاقة بين بني سعد الحاليه...وبين حليمة السعديه..؟
الجواب : لا
والدليل :-
أولاً: ما قاله عالم النسب الكبير القلقشندي الفزاري(ت 821 هـ) في كتابه( نهاية الأرب):"وقد افترق بنو سعد بن بكر هؤلاء في الاسلام، ولم يبق لهم حي فيطرق، الا ان بافريقية من بلاد المغرب فرقة بنواحي باجة يعسكرون مع جند السلطان".
أي أن بني سعد بن بكر هاجرت...ولم يبقى لها وجود في الجزيرة العربية..
ثانياً: قال حمد الجاسر رحمة الله : " بني سعد القبيلة المعروفة بمنطقة الطائف لا يمكن الجزم بأنها قبيلة حليمة السعدية وإن اشتهر هذا عند العامة ؛ إذ مجرد ماتناقله العامة لايصح الجزم بصحته ".
ثالثاً: يقول تركي القداح العتيبي :" لم يذكر أي من العلماء المتقدمين وجوداً لبني سعد ابن بكر في جنوب الطائف لا من قريب ولا من بعيد،بل إن سعد بن بكر نزحت إلى المدينة المنورة في وقت مبكر وبنصوص العلماء ".
إذن فمن هى بني سعد الحالية......؟
1-هي بنو سعد بن خولان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير ".
2- قال عرام السلمي (ت 275 هـ):" والطائف ذات مزارع ونخل وأعناب وموز وسائر الفواكه وبها مياه جارية وأودية تنصب منها إلى تبالة وجل أهل الطائف ثقيف وحمير وقوم من قريش وهي على ظهر جبل غزوان وبغزوان قبائل هذيل".
3- قال ياقوت الحموي ( ت626 هـ) نقلاً عن عرام وتأكيداً لما قال وبنفس نصه:"والطائف ذات مزارع ونخل وأعناب وموز وسائر الفواكه وبها مياه جارية وأودية تنصب منها إلى تبالة وجل أهل الطائف ثقيف وحمير وقوم من قريش وهي على ظهر جبل غزوان وبغزوان قبائل هذيل".
إذن ....فلا علاقة لبني سعد الحالية....بسعد بن بكر....لأن سعد بن بكر كما ذكر القلشندي هاجرت من جزيرة العرب....ولم يعد لها حي فيطرق....
وأما بني سعد الحالية....فهى بنو سعد من خولان من حمير....
صورة وثيقة قديمة نسب قبيلة عتيبة الى كنانة وليس من هوازن
إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.
صورة حجة النفعة التاريخية ( حجة الديرة ) المؤرخة عام 1005 هـ
توضيح مختصر فيما جاء في حجة النفعه المؤرخة عام 1005هـ وهذا بعض الشيء الذي جاء في الوثيقة
" لقد حضر كبار النفعه وطلبوا من سيدهم سيد الجميع الشريف حسن بن نمي الديرة فأعطاهم عفى عنه ومتع حياته وطلبوا منه كبار النفعه.... أن يحدد لهم الديرة وهم بأسماهم خضر بن سماح ، وزيدان بن زياد الزيادي ، وخاتم بن ضامر الفليت ، ومحيا النخيش ، وحسن المسعودي ، وحاسن بن رشود ، ومحسن بن عويمر الحصيني ، وغالي بن ردعان الحليفي ، ومقبل بن مقدم السويط ووزان بن زاير الجعيد ، وسلمان الحليس ... وأعطاهم أياها سيد الجميع عطا تام نافذ شهد من حضر شهد أحمد العجاجي الثبيتي وشهد محمد الشبيلي وشهد حمدان الشلوي وحميدان الشلوي وشهد علي المطاري وشهد محيا الثمالي وناصر الثمالي وحسن العدواني والله خير الشاهدين وتقاروا النفعه على نسبتهم في الجدان أولاد نفاع صرار ومجنون أولاد صالح بن نافع بن نفاع ، وبركوت ومزروع أولاد علي بن طويفح بن نفاع بن رائق بن فلاح بن شملان بن زياد بن علي بن كتيم بن كعب بن بطيان بن سعدبن حجاج بن مسعود بن أكوع بن عتيب بن كعب بن هوازم بن صالح بن شباب العربي نسب والشافعي مذهب والله أعلم " أنتهـــى
ويلحق في سياق النسب الشبابي ما توصل له الباحث القدير تركي القداح بربط هذا النسب بقبيلة كنانة بما ظهر له من نصوص قاطعة وأدله دامغة بكانية النفعة والطفحة والمقطه خاصة وعتيبة عامة ليصبح بعد ذلك تسلسل هذا النسب " أبناء رايق بن فلاح بن بن شملان ( شملى ) بن زياد بن علي بن كتيم بن كعب بن بطيان بن سعد بن حجاج بن مسعود بن أكوع بن عتيب ( عتيبة ) بن كعب بن هوازم بن صالح بن شباب ( شبابة )
بن فهم
من بني مالك بن كنانة
بن خزيمة
بن عمرو (( مدركة ))
بن اليأس
بن مضر (( الحمراء ))
بن نزار
بن معد
عدنان
وعلى هذا نحن نقول : ان قبيلتنا ( عتيبه ) العزيزة , أحلاف عشائر تتكون من طيئ وكنانة وحمير وهمدان
والله اعلم
__________________
رابطة أبناء شبابه ( عتيبه )
تحقيق بلاد ونسب بني شبابة الجزاء الأول (1)
أ. تركي بن مطلق القداح العتيبي ........................التاريخ:2/9/2005
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلّم. أما بعد:
فمما لا شك فيه أنّ لكل قبيلة ديارًا، وبلادًا تستقرّ فيها، وتتوسع تلك البلاد أو تتقلّص حسب قوة القبيلة أو ضعفها، وما يترتب على ذلك من ظروف وعوامل سياسية أو اقتصادية أو غير ذلك. وتزخر كتب البلدانيات والأنساب بذِكر وتحديد بلاد هذه القبائل القديمة مثل: كتاب أبي زيد البلخي، وابن الكلبي، وعرام السلمي، والهمداني، ولغدة الأصفهاني، والهجري، والأصطخري، والإدريسي، والبكري، وياقوت الحموي، وغيرهم ممن سنذكره في هذا البحث إن شاء الله.
وحديثي هنا عن واحدة من أعرق هذه القبائل وأهمها وهي بلاد بني شبابة من القرن الأول وحتى القرن العاشر الهجري في ضوء ما اطلعت عليه في المصادر الجغرافية والتاريخية، كما سأوضح نسبها من واقع النصوص المدوّنة قديمًا في كتب النسب والتاريخ القديمة، حيث إنّ هذه القبيلة العريقة لم تعط حقها من البحث والدراسة مثل ما أعطيت بقية قبائل العرب. وقد سعيت جادًّا منذ سنوات في جمع النصوص من بطون المصادر والمراجع القديمة، والبحث عن كل ما يخص هذه القبيلة الكريمة حتى توفرت لديّ بعض هذه النصوص الواضحة في بيان نسبها وبلادها القديمة، وقد اكتفيت بهذه لوضوحها؛ وقد قيل: يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق(1).
وأودّ أن ألفت نظر أخي القارئ الكريم إلى أنّ بني شبابة هي قبيلة في الزمن القديم، وليست حلفًا؛ وذلك قبل أن يطغى اسمها على مجموعة من القبائل المتحالفة والمختلفة النسب؛ لكي تمثّل حلف شبابة المعروف، ويصبح اسمها كما قال الشيخ الجاسر، رحمه الله: "كلمة اعتزاء وشعارfب يشمل قبائل كثيرة مختلفة النسب، متباينة المنازل"(2).
ولابد لي في هذه المقدمة القصيرة أن أشير إلى نظرة علاّمة الجزيرة شيخنا الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- الذي أدرك بنظرته الثاقبة: أنّ شبابة في الأصل هو اسم يخص قبيلة ثم أصبح شعارًا يشمل قبائل كثيرة، كما قال، فإنّ هذا القول مما يحسب لشيخنا النسابة -رحمه الله- وهذا ما سنشير إليه في هذا البحث المختصر والذي لا يخرج عن نصوص العلماء والمؤرخين. وأسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، إنه وليّ ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بلاد ونسب شبابة
شبابة، وواحدهم شبابي، قبيلة عدنانية من أعرق القبائل العربية، وقد طغى اسمها منذ عهد ليس بالقريب على قبائل كثيرة جمعها التحالف، ويقابل هذا الحلف حلف آخر طغى عليه اسم خندف.
قال الزركلي عن قبائل الطائف ومنها شبابة: "وفي العارفين بالأنساب من يرجع بهذه القبائل إلى أصلين أعلى من عتيبة وثقيف. وهم شبابة وخندف فإذا قيل شبابة اندمجت بها عتيبة كلها وزيدت قبائل أخر لم تكن تنتسب إلى عتيبة ولا ثقيف وهي من سكان ديار الطائف، وإذا قيل خندف، أضفنا إلى عتيبة القبائل الآتية لتكوِّن منها جميعها شبابة: بني الحارث، بني سعد وهم رؤوس شبابة وحرب، وقحطان وهم أقدم قبائلهم"(3)، وإذا قيل خندف زيدت قبائل أخرى(4).
وقد وهم الزركلي عندما فرّق بين عتيبة وبني سعد وهي قبيلة واحدة وهذا ما سيتضح معنا في هذا البحث(5) إلا أننا أخذنا بنص الزركلي؛ لأنني رأيت بعض الرواة يخلطون في توزيع القبائل التي تدخل في حلفي شبابة وخندف؛ لذا اعتمدت على نص الزركلي لتقدّمه وتثبّته، وليس صحيحًا ما يزعمه البعض أن عرب مصر والمغرب ينضمون تحت اسم شبابة، فحلف شبابة حلف إقليمي وليس دوليًّا؟!.
وقد اختلف بعض الباحثين حول نسب قبيلة شبابة، فمنهم من نسبها إلى العدنانية، ومنهم من نسبها إلى القحطانية، وسنوضح في هذا البحث كل الأقوال والنصوص لمعرفة الحقيقة بإذن الله تعالى.
أقوال العلماء ونصوصهم حول شبابة:
ذكر الكثير من العلماء شبابة ومكان سكناها في جنوب بلاد الطائف وجبال السراة، ووصفوها بأنها تشتهر بالعسل الشبابي المنسوب إليها، وهذه الأقوال مرتّبة حسب قِدم المصادر:
1- حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه: ورد ذِكر بني شبابة الذين يقطنون الطائف في حديث عمرو بن شعيب، ويدلنا ذلك على وجودهم في زمن نبينا محمد ؛ وبهذا نعلم أنهم بطن جاهلي.
قال العلاّمة أبو الطيّب محمد شمس الحق (ت275هـ): "حدّثنا أحمد ابن عبده الضَّبِّي أخبرنا المغيرة ونسبه إلى عبدالرحمن بن الحارث المخزومي (أحسبه يعني ابن عبدالرحمن) حدّثني أبي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أنّ شبابة بطن من فهم، فذكره نحو. قال من كل عشر قربٍ قربة. وقال سفيان بن عبدالله الثقفي قال: وكان يحمي لهم واديين: فأدُّوا إليه ما كانوا يؤدّونه إلى رسول الله وحمى لهم وادييهم" انتهى(6).
2- ذكر الفاكهي من علماء القرن الثالث الهجر: أنّ هشام بن عبدالملك كتب إلى أمير الطائف أن يرسل إليه عسلاً من عسل الندغ من نحل بني شبابة(7).
قال الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- عن شجرة الندغ: "بفتح النون وكسرها وضمها وإسكان الدال: الصعتر البري، وهو مما ترعاه النحلة وتعسل عليه، ولعسله جلوتان: جلوة الصيف، وهي التي تكون في الربيع، وهي أكثر في الشِّيارين، وجلوة الصفرية، وهي دونها. ويروى أن سليمان بن عبدالملك دخل الطائف فوجد رائحة الصعتر فقال: بواديكم هذا ندغة. وكتب الحجاج إلى عامله بالطائف: أرسل إليّ بعسل أخضر في السقاء، أبيض في الإناء، من عسل الندغ والسحاء، من حداب بني شبابة، وقال أبو عمرو: الندغ شجرة خضراء لها ثمرة بيضاء، والواحدة ندغة. وقال أبو حنيفة: الندغ مما ينبت في الجبال وورقه مثل ورق الحوك، ولا يرعاه شيء، وله زهر صغير شديد البياض، وكذلك عسله أبيض كأنه زبد الضأن.."(
.
3- قال البلاذري (ت279هـ): "بنو شبابة وهم ينـزلون اليمن وإليهم ينسب العسل الشبابي"(9). والمقصود باليمن هنا جنوب الطائف وهذا ما أوضحه الأزهري في نصه الآتي.
4- قال أبو حنيفة الدينوري (ت282هـ): "وأما ما ذكره الأصمعي في حديثه عن سليمان بن عبدالملك من حداب بني شبابة فإنها جبال من جبال السراة ينـزلها بنو شبابة".
وقال عن الحداب: "وهذه الحداب وراء شيحاط وشيحاط من الطائف، وواحد الحدب حدبة وحداب بني شبابة أكثر السراة عسلاً وأجوده، والغالب على عسلهم الضرم. وكذلك أخبرني بعض الأزد، وأخبرني أنّ العسل قِرى أضيافهم لكثرته عندهم. والسراة أكثر أرض العرب عسلاً وعنبًا وتينًا وزبيبًا، واليمن كلها أرض عسل"(10).
5- قال الهمداني (ت نحو 344هـ) في ذكر كنانة والسروات قرب بلاد الطائف: "...ثم سراة بجيلة، وغورها بنو سعد من كنانة، ثم سراة بني شبابة وعدوان..."(11).
وهذا يعني أنّ شبابة وعدوان في سراة واحدة كما يظهر من النص.
6- قال الأزهري (ت370هـ): "وعسل شبابي: ينسب إلى بني شبابة قوم بالطائف ينـزلون اليمن"(12).
7- قال الصاحب إسماعيل بن عبّاد (ت385هـ): "وعسل شبابي: منسوب إلى بني شبابة قوم بالطائف"(13).
8- قال إسماعيل بن حماد الجوهري (ت393هـ): "وبنو شبابة قوم بالطائف"(14).
9- قال ابن سيده (ت478هـ) عند ذِكر نبات العسل: "...أكثر منابته في بلاد بني شبابة"(15). وهو ناقل عن الدينوري في نصه المتقدم.
10- قال البكري (ت487هـ): "حداب بني شبابة، وهي جبال من السراة ينـزلها بنو شبابة... وهذه الحداب وراء شيحاط وشيحاط من الطائف، وهذه الحداب أكثر أرض العرب عسلاً..."(16). وهو ناقل نص الدينوري.
11- قال الزمخشري (ت538هـ): "كان عصر شبابي أحلى من العسل الشبابي نسبة إلى بني شبابة من أهل الطائف"(17).
12- قال السمعاني (ت562هـ): "سراة بني شبابة، وهي من نواحي مكة"(18).
13- قال ياقوت الحموي (ت626هـ): "شبابة: سراة بني شبابة من نواحي مكة"(19).
14- قال ابن الأثير (ت630هـ): "الشبابي: ... هذه النسبة إلى سراة بني شبابة، وهي من نواحي مكة، منها أبو جميع عيسى بن الحافظ أبي ذر، روى عنه أبو الفتيان عمر بن أبي الحسن الرواسي، وكان يحدّث سنة نيف وستين وأربعمائة"(20).
15- قال ابن منظور (ت711هـ): "عسل شبابي ينسب إلى بني شبابة قوم بالطائف"(21). وهو ناقل عن الأزهري.
16- قال الذهبي (ت748هـ): "شبابة.. نزلوا السراة" وقال: "سراة بني شبابة"(22).
17- قال الفيروزآبادي (ت817هـ): "وشبابة.. نزلوا السراة أو الطائف"(23).
18- قال القلقشندي (ت821هـ): "شبابة قرية بالطائف"(24).
19- قال الفاسي (ت832هـ): "... سراة بني شبابة وهي سراة بني سعد، بجهة بجيلة، بمجرى، وما حولها من بلاد بني سعد"(25).
20- قال جلال الدين السيوطي (ت911هـ): "الشبابي بموحدتين إلى سراة بني شبابة من نواحي مكة..."(26).
ويستفاد من النصوص السابقة جملة من الفوائد هي:
أ- أنّ الحداب من ديار بني شبابة من جبال السراة، كما جاء في نص هشام بن عبدالملك والدينوري، ومن نقل عنهم.
ب- أنّ بني شبابة تشتهر بالعسل الشبابي المنسوب إليها كما جاء في نص هشام بن عبدالملك، والبلاذري والدينوري، والأزهري، والصاحب إسماعيل ومن نقل عنهم.
ج- اشتهار إحدى السروات حيث عرفت باسم سراة بني شبابة، كما جاء في النصوص المتقدمة.
بلاد شبابة وسراتها اليوم:
ورد في النصوص السابقة أنّ بني شبابة ينـزلون جبال السراة، ولهم سراة تعرف بهم، وهي سراة بني شبابة، ومنها الحداب الواقعة خلف شيحاط، وشيحاط -كما ذكر العلماء- من بلاد الطائف.
وعن الحداب الذي هو من سراة شبابة يقول عاتق البلادي: "وتحديدها اليوم ينطبق على سراة بني سعد، وهي أرض مشهورة بجودة العسل والسمن..."(27).
وقال عن شبابة والحداب: "موضع شبابة اليوم سراة بني سعد وبلحارث جنوب الطائف على نحو ثلاثين كيلاً... وهناك الحداب جبال محدودبة الظهور جرد، ولهذه الحداب ذِكر مع شبابة في مواضع كثيرة، ومنها اليوم حداب بني سعد...". ,قال أيضًا: "لازالت الحداب معروفة إلى اليوم على 90 كم جنوب الطائف... وراء شيحاط وشيحاط من الطائف"، و"شيحاط جنوب الطائف على 25 كيلاً"(28).
وقد ذكر الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- أنّ سراة عدوان تلي سراة الطائف جنوبًا وكانوا مختلطين مع شبابة فروع من بني سعد حلت هذه السراة، وسراة بني شبابة عرفت بسراة بني سعد في وقت متقدّم؛ فقد ذكر الفاسي المتوفَّى سنة 832هـ، كما مرّ معنا في النص المتقدّم، من أنّ سراة شبابة هي سراة بني سعد. قال ذلك في ترجمة شيخ الحرم عبد بن أحمد الهروي المتوفَّى سنة 434هـ(29).
بيان نسب شبابة:
قبل الحديث عن نسب واستعراض النصوص حولها، أرى أنه من المناسب ذِكر بعض أشهر الشبابات في قبائل العرب:
1- شبابة من مالك بن كنانة، وهي مدار البحث، ذكرها النسابة البلاذري (ت279هـ) فقال: "ومن بني مالك بن كنانة بنو شبابة وهم ينـزلون اليمن وإليهم ينسب العسل الشبابي"(30)، وقد تقدّم ذِكر هذا النص.
2- شبابة بن مالك بن فهم من الأزد، ذكرها أبو حنيفة الدينوري (ت282هـ) عند ذِكر حداب بني شبابة فقال: "ينـزلها بنو شبابة من فهم بن مالك من الأزد، وليسوا من فهم عدوان"(31)، ونقل هذا النص ابن سيده (ت458هـ)، والبكري (ت487هـ)، كما سبق أن ذكرناه.
3- شبابة فهم بن عمرو بن قيس عيلان، ذكرها الهجري من علماء القرن الثالث الهجري(32)، فقال: "فهم بن عمرو بن قيس: ثلاثة بطون فابنا القين شبابة، وكنانة، وبعدهما بجالة، وفيها العدد والعز، وهي ثلثا فهم". وقد قال الشيخ الجاسر -رحمه الله- نقلاً عن الهمداني: "شبابة: عدّ الهمداني وغيره هذه القبيلة من سكان السراة، وحدد في (صفة جزيرة العرب) سراتهم بعد أن ذكر سراة بجيلة فقال: "سراة بني شبابة وعدوان، وغورهم الليث، ومركوب، وتجدهم فيه عدوان مما يلي مطار"، ومطار من أرض الطائف في الجنوب الشرقي منها بقرب المعدن في جهة بقران من بلاد عدوان. وقد عدّ الهمداني أيضًا هذه السراة مرة أخرى لغير شبابة فقال: "ثم يتلو معدن البرام (البرم) ومطار صاعدًا إلى اليمن سراة بني علي وفهم، ثم سراة بجيلة" فكأنّ شبابة وبني علي وفهما وعدوان مختلطون في سراة واحدة، وسيأتي الكلام على عدوان أنهم يسكنون شرقي السراة". ويضيف الشيخ الجاسر عن شبابة فهم قوله: "...ويظهر أنّ السراة كانت لهؤلاء قديمًا"(33). ويؤيد هذا الكلام عاتق بن غيث البلادي فيقول: "القول بأنّ شبابة هذه من إخوة عدوان أقرب وأصح؛ لأنّ ديار الأزد كانت بعيدة عن شيحاط وخاصة بلاد زهران التي لازالت كما هي وشيحاط جنوب الطائف على 25 كيلاً، وكانت الأرض الواقعة غربه من السراة قد نزلتها فهم إخوة عدوان في زمن متقدم قبل الإسلام"(34). والصحيح أنها شبابة كنانة كما سيأتي.
وعن شبابة الأزد يقول البلادي: "وهم غير شبابة المنسوبة لهم الحداب قرب الطائف، فأولئك من عدوان من قيس عيلان"(35).
معرفة نسب شبابة وخلاصة القول:
يتلخص القول في نسب بني شبابة بين قولين لا ثالث لهما:
الأول: أنّ بني شبابة هم من بني مالك بن كنانة، ونص على هذا النسابة البلاذري (ت279هـ) والأزهري (ت370هـ) ومن نقل عنهما.
الثاني: أنّ بني شبابة من بني مالك بن فهم من الأزد؛وبهذا قال أبو حنيفة الدينوري (ت282هـ) ومن نقل عنه، إلا أنّ الدينوري قال عنهم فهم بن مالك، والصحيح ما أثبتناه.
وبعد مراجعة النصوص، وإن كانت بغير حاجة إلى ذلك، يتضح لنا من خلال النصوص أنّ القول بكنانية شبابة هو الصحيح وذلك للآتي:
1- أنّ النسابة البلاذري عالِم جليل، حيث يعدّ من علماء النسب وكتابه (أنساب الأشراف) يؤكد ذلك، لكن أبو حنيفة الدينوري لم يذكر عنه أنه عالم بالأنساب. ولعل كتابه (النبات) يوضح أنه عالم نبات. والمعلومة هنا هي معلومة نسب لا معلومة نبات؛ لذا فيؤخذ نص البلاذري ويهمل نص الدينوري حول النسب، كما أنّ واقع الديار يؤكد نص البلاذري.
2- نص الهمداني (ت نحو 344هـ) أنّ سراة الأزد -أصل شبابة- يحول بينها وبين سراة شبابة المتحدث عنها سراة بجيلة، حيث يقول الهمداني عن السروات ما نصه: "...سراة زهران من الأزد... ثم سراة بجيلة... ثم سراة بني شبابة وعدوان...".
وبهذا يتضح ما ذكرنا آنفًا من أنّ بين سراة شبابة كنانة -مدار البحث- وبين بلاد الأزد أصل شبابة الأزد سراة بجيلة.
كما يتضح لنا من النصوص السابقة أنّ بني شبابة يعدّون من أهل الطائف، حيث تقع بداية سراتهم جنوبًا عن الطائف على بعد 30 كيلاً كما مرّ معنا في بعض النصوص، وهذا ما يلغي قول من قال أنّ شبابة هذه من الأزد؛ لأنه لا وجود لبلاد زهران، ولا لفروعها في هذه الأنحاء لا من قريب ولا من بعيد، كما قال البلادي عن شبابة الطائف: "وهم غير المنسوبة لهم الحداب قرب الطائف فأولئك من عدوان من قيس عيلان"(36).
قلت: إلاّ أنّ الشيخ البلادي وهم في نسبتهم إلى شبابة فهم بن عمرو، إخوة عدوان القيسية.
وشبابة الأزد ليس لها وجود في السراة، بل إنّ مكان وجودها -كما تشير المصادر- في بلاد عُمان؛ إذ يقول ابن الكلبي (ت204هـ): "ولد فهم بن غنم: مالكًا، وهم بعُمان...، فولد مالك بن فهم بن غنم نوًّا وولده بعُمان..."(37). وقال: "وولد شبابة بن مالك بن فهم بن غنم زيدًا، والفرهود وعبدًا"(38)، ومن فروعهم الفراهيد الذين منهم الخليل بن أحمد العروضي الفراهيدي اللغوي النحوي، فهو منسوب إلى فراهيد بن شبابة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس، بطن من الأزد(39).
ويذكر ابن دريد (ت321هـ) أنّ من أعظم قبائل دوس في عُمان مالك بن فهم(40) وقال العوتبي الصحاري من علماء القرن الرابع الهجري فروع بني مالك الأزديون وأنهم في عُمان، ومنهم شبابة، وقد فصّل العوتبي في فروعهم تفصيلاً جيّدًا(41). ثم إنّ بلاد شبابة كنانة هي من بلاد الطائف خاصة في الجنوب منه ،ومن المعروف أن جنوب الحجاز هو ما يسميه المؤرخون ببلاد اليمن حسب اصطلاحهم.
وفي هذه البلاد تحل بلاد شبابة، وهذا ما سيمرّ معنا إن شاء الله، وغاية القول مما تقدّم وقلناه إنّ انتساب شبابة إلى كنانة، كما نص عليه النسابة البلاذري المتوفَّى سنة 279هـ، أصحّ من نسبتها إلى الأزد، كما قال بذلك أبو حنيفة الدينوري المتوفَّى سنة 282هـ، وذلك لعدم وجود شبابة الأزد أصلاً في سراة الحجاز؛ إذ شبابة الأزد تقطن مع أزد عُمان لا أزد السراة، والأدلة كلها تؤكد وتؤيد ذلك.
ثم إنّ هناك دليلاً يؤكد نص البلاذري ويزيده إيضاحًا، وهو أنّ أبا حنيفة الدينوري نسب شبابة إلى (فهم بن مالك)، والذين في الأزد هم شبابة بن (مالك بن فهم) بن غنم بن دوس من زهران من الأزد.
ويعتبر نص أبي حنيفة رغم ما فيه من الوهم في نسب شبابة كنانة إلى الأزد إلاّ أنه لا يتعارض مع نص البلاذري للآتي:
- ذكر أبو حنيفة بأنّ شبابة هم فرع من فهم بن مالك، والبلاذري نص أنّ شبابة كنانة هم من بني مالك بن كنانة.
وهذا يفيد أنّ شبابة من بني فهم بن مالك بن كنانة، وقد ذكر هذا كثير من علماء النسب والتاريخ أنّ شبابة الطائف هي (شبابة فهم). والمقصود هنا شبابة بن مالك بن كنانة، مثل: العلاّمة أبي الطيّب المتوفَّى سنة 275هـ، وابن الجارودي المتوفَّى سنة 307هـ، وابن ماكولا المتوفَّى سنة 475هـ، والفيروزآبادي المتوفَّى سنة 817هـ، والذهبي المتوفَّى سنة 748هـ، والسيوطي المتوفَّى سنة 911هـ، وغيرهم الكثير الذين نصّوا على أنّ شبابة الطائف والسراة هم من بني فهم الكنانية.
ومن ذلك يتضح لنا أنّ نسب شبابة هو شبابة بن فهم بن مالك بن كنانة.
ويلاحظ القارئ أنّ أساس اللبس هو من تشابه الأسماء وما آفة الأنساب إلاّ تشابه أسمائها؛ وذلك لأنّ شبابة كنانة هم شبابة بن فهم بن مالك بن كنانة، وشبابة الأزد هم شبابة مالك بن فهم؛ ولكن هذا اللبس سرعان ما ينجلي إذا ما علمنا أنّ الأولى في بلاد الحجاز، والثانية في بلاد عُمان. خاصة أنّ البلاذري -وهو نسّابة متقدّم- نص على كنانية شبابة.
فهم في بني مالك بن كنانة:
قد يقول قائل كيف نعرف أنّ في بني مالك بن كنانة فهم حتى تنسب شبابة كنانة إليه، لذا أقول الآتي:
- ذكر ابن حبيب المتوفَّى سنة 245هـ أنّ: بني عبيد الرَّماح بن معد بن عدنان دخلوا حلفًا في فهم كنانة، وهم رهط إبراهيم بن عربي الكناني(42).
- ذكر البكري المتوفَّى سنة 487هـ ما يؤيد نص ابن حبيب المتقدّم، ويضيف عليه قوله: "وصار بنو عبيد الرَّماح بن معد في بني مالك بن كنانة بن خزيمة، وهم رهط إبراهيم بن عربي بن منكث، عامل عبدالملك بن مروان على اليمامة"(43).
قلت: وبهذا تتضح لنا الحقيقة واضحة جليّة وهي أنّ البكري يذكر أنّ بني عبيد الرَّماح دخلوا في بني مالك بن كنانة، وابن حبيب يذكر دخولهم في فهم كنانة مما يفيد أنّ نسب فهم كنانة هو: فهم بن مالك بن كنانة. ونص البلاذري والأزهري من أنّ شبابة هم من (بني) بن مالك بن كنانة، يعني بوجود جَدٍّ أو أكثر بين شبابة ومالك، وهذا أنهم بنو شبابة بن فهم بن مالك بن كنانة، وهذا ما يتفق مع نص أبي حنيفة الدينوري من أنّ شبابة الطائف هم بنو فهم بن مالك. وهذا ما جعل الأصمعي المتوفَّى سنة 217هـ يقع في هذا الوهم عندما نسب شبابة فهم هذه الكنانية إلى شبابة فهم القيسية إخوة عدوان. وقد خطّأه الدينوري المتوفَّى سنة 282هـ، عندما قال: "وأما ما ذكره الأصمعي في حديثه عن سليمان بن عبدالملك من حداب بني شبابة، فإنها من جبال السراة ينـزلها بنو شبابة من فهم بن مالك من الأزد، وليسوا من فهم عدوان، وهذه الحداب وراء شيحاط، وشيحاط من الطائف..."(44).
ونلاحظ أنّ أبا حنيفة الدينوري، وهو متقدّم، أوضح أنهم ليسوا من شبابة فهم عدوان، ولكنه وهم عندما نسبهم إلى شبابة الأزد؛ إذ إنّ شبابة الأزد بعيدة جدًّا عن أرض الحجاز، وهم كما بيّناه من أقوال العلماء المتقدّمين في بلاد عُمان، كما أنّ شبابة الأزد هم شبابة بن مالك بن فهم، والدينوري قال شبابة من (فهم بن مالك)؛ و بهذا يتضح لنا أنّ المقصود شبابة الطائف الذين هم من كنانة.
تحقيق بلاد ونسب بني شبابة الجزاء الثاني (2) التاريخ:4/18/2005
أقوال البلدانيين في بعض مدن بلاد كنانة:
مرّ بنا فيما تقدّم أنّ شبابة هم من قبائل كنانة وفروعها، وأنّ بلادها هي جنوب الطائف. وفيما يلي ذِكر لبعض بلاد كنانة في جنوب مكة، وهو ما يُعرف أيضاً ببلاد اليمن، أي جنوب مكة، حيث نستعرض هنا بعض النصوص من أقوال المؤرخين حول بلاد كنانة:
حَدثـة:
قال الزمخشري (ت538هـ): "وادٍ أسفله لكنانة والباقي لهذيل"(1).
وادي بيض، والتلاعة في المصادر:
- قال ياقوت الحموي (ت626هـ) عن ديار كنانة ومنها وادي بيض: "من منازل بني كنانة بالحجاز..."(2). وقال عن ماء لبني كنانة يدعى التلاعة: "التلاعة بالفتح والتخفيف: اسم ماءٍ لبني كنانة بالحجاز".
قال بُديل بن عبد مناة الخزاعي:
ونحن صبحنا بالتلاعة داركم بأسيافنا يسبقن لوم العواذل"(3)
ويقول البلادي: "التلاعة وادٍ يسيل من جبال راية فيصبّ في إدام من الشرق". وقال: "ولا زالت على الحدود بين هذيل وكنانة"(4).
وادي يلملم:
- قال عنه البكري (ت487هـ): "وهو جبل من كبار جبال تهامة، على ليلتين من مكة، وأهله كنانة، وأوديته تصبّ في البحر، قال سلمة بن المقعد:
ولقد نزعنا من مجالس نخلةٍ فنجيز من حُتنٍ بياض ألملما"
وقال: "...جبل على ليلتين من مكة، ومن جبال تهامة وأهله كنانة، تنحدر أوديته إلى البحر، وهو في طريق اليمن إلى مكة، وهو ميقات مَن حجّ من هناك. ويقال: ألملم بالهمز، وهو الأصل.. وقال طفيل:
وسلهبة تنضو الجياد كأنها رداةٌ تدلَّت من فروع يلملم"(5)
وقال ياقوت الحموي (ت626هـ): "...موضع على ليلتين من مكة، وهو ميقات أهل اليمن، وفيه مسجد معاذ بن جبل".
وقال المرزوقي: "وهو جبل من الطائف على ليلتين، أو ثلاث، وقيل: هو وادٍ هناك، قال أبو دهبل:
فما نام من راعٍ ولا ارتدّ سامرٌ من الحيّ حتى جاوزت بي يلملما"(6)
وادي مركوب:
- قال عنه ياقوت الحموي: "مركوب وادٍ خلف يلملم أعلاه لهذيل، وأسفله لكنانة، وهو محرم أهل اليمن"(7).
حليـة:
- قال عنها الزمخشري (ت538هـ): "حلية وادٍ بتهامة أعلاه لهذيل وأسفله لكنانة"(
.
وادي سعيا:
- قال عنه ياقوت: "وهو وادٍ بتهامة قرب مكة، أسفله لكنانة، وأعلاه لهذيل، وقيل جبل..."(9).
وادي عتود:
- قال عنه ياقوت: "هو ماء لكنانة لهم ولخزاعة..."(10).
وقال الهمداني في ذِكر بعض القبائل التي تقطن غرب السراة: "خلف ذلك الجبل في غريبة إلى أسياف البحر من بلاد الأشعريين وعك وحكم وكنانة...". ويذكر الهمداني من الفروع التي تحل هذه الديار: "...ثم سراة بجيلة فنجدها بنو المعترف، وأصلهم من تميم، وقال لي بعضهم: إنهم من عُكل. وغورها بنو سعد من كنانة ثم سراة بني شبابة وعدوان وغورهم الليث ومركوب فيلملم، ونجدهم فيه عدوان مما يلي مطار ثم سراة الطائف..."(11).
ويضيف الجاسر على النص المتقدّم: "...أي الأرض الواقعة شرق أودية الطائف والتي تفيض سيولها إلى بسل ثم كلاخ وتفضي إلى طرف ركبة الجنوبي"(12).
وتتصل ديارهم وتمتدّ إلى بلاد الطائف، أي شرق مكة والطائف، حيث يذكر ابن سعيد (ت685هـ) نقلاً عن البيهقي حيث يقول: "قال البيهقي: ومن منازل كنانة في طريق الطائف معدن البُرم التي تُحمل إلى الآفاق، وفي طريق العراق وادي نخلة: وفيه قرى ومزارع، بينه وبين عرفات مرحلة..."(13).
وقد ذكر ياقوت معدن البُرم فقال: "ومعدم البُرم وهو السراة الثانية، وهو في بلاد عدوان..."(14).
لكن نص البيهقي يؤكد أنّ معدن البُرم أصبح من ديار كنانة فيما بعد، ومن أودية كنانة التي كانت تقطنها وادي وج، وهو من أودية الطائف. وكان من كنانة أمية بن الأسكر الكناني أدرك الإسلام، وهو شيخ كبير، وكان شريفًا في قومه، وله خبر مشهور في شوقه إلى ابنين، وقد ذهبا في غزو العراق، في خلافة عمر بن الخطاب ، وكان أحدهما يسمّى كلابًا، فبكاهما بأشعار فردّهما عليه، وقد قال في تشوّقه لولده كلاب منها:
لمن شيخان قد نشدا كلابًا
أنـاديه فيعـرض في إبـاءٍ
وإنك والتماس الأجر بعدي كتاب الله لو قَبِل الكتابا
فلا وأبي كلاب ما أصابا
كباغي الماء يتّبـع السرابا
ومنها:
تركت أباك مرعشـة يداه
إذا نعب الحمـام ببطن وَجٍ وأمك ما تسيغُ لها شرابا
على بيضاته ذكرا كلابا(15)
شبابة اليوم:
مرّ بنا أنّ بني سعد يقطنون وسط بلاد شبابة في سراة عروان، وهذا يعني أنهم بقية شبابة؛ إذ هم يحلون في نفس الديار.
ويذكر الهمداني عن جبل عروان وديار هذيل ما نصه: "... وغزوان فأخرجهم منه بنو سعد أخرجوها في وقتنا هذا بمعونة عج بن شاخ، سلطان مكة"(16). وفي هذا الخبر تصحّف اسمان الأوّل غزوان، والصواب: عروان، والثاني: شاخ، صوابه: حاج، وهو عج بن حاج، سلطان مكة المكرمة الذي تولى الحكم بين سنتي 281 إلى 306هـ(17). وفي هذا إشارة إلى أن تاريخ وقعة هذيل وبني سعد كان زمن إمرة عج بن حاج هذا، وكان من نتيجة هذه الوقعة استقلال بني سعد بجبل عروان.
وعن جبل عروان يقول الهمداني: "غزوان من أمنع جبال الحجاز صيدًا وعسلاً، وهو يشاكل من جبال السراة شنا وبارق"(18). وقال: "غزوان جبل عرفة العالي، ثم طلعت الجبال بعد منه..." قلت: وهو مذكور في أشعارهم. قال الراجز:
يا ناق سيري قد بدا يَسُومان فاطويهما تبد قنانُ عَروان(19)
وقد ورد اسم عروان لدى الهمداني بأكثر من رسم مرة غزوان، وأخرى عروان(20). وقال البلادي في ذِكر غزوان: "أخشى أن يكون تصحيفًا من عروان بالمهملتين؛ لأنه لا يعرف غزوان اليوم"(21). وقال: "...يبعد عروان قرابة 65 كيلاً جنوب مكة إلى الشرق"(22). وقد ذكره السكندري (ت560هـ) عروان بدون تصحيف فقال: "عروان جبل بمكة، وهو الجبل الذي في ذروته الطائف وتسكنه قبائل هذيل، وليس بالحجاز موضع أعلى من هذا الجبل، ولذلك اعتدل هواء الطائف، وقيل إنّ الماء يجمد فيه وليس في الحجاز موضع يجمد فيه الماء سوى عروان، وقال ساعدة بن جُؤيّة:
وما ضرب بيضاءُ تسقي دُبورها دُفاق فعُروان الكراث فضِيمُها
وقال أبو صخر الهذلي:
فالحقـن محبوكًا كأن نشاصَـهُ مناكبُ من عروان بيضُ الأهاضب"(23)
ويفهم من نصوص العلماء المتقدمة أنّ الطائف على ظهر جبل عروان. وقد علّق البلادي على هذا فقال: "ربما كان الاسم يشمل منابع وج وليّه، ثم اقتصر"، وقال: "إنّ الاسم كان شاملاً لسراة الطائف، ثم اقتصر على هذا الجبل الذي يبعد قرابة خمسين كيلاً جنوبًا غربيًّا من الطائف"(24).
وبهذا نعلم أنّ ديار بني سعد شملت سراة عروان الواقع في ديار شبابة. وقد ذكر بني سعد في هذه الديار بعض العلماء؛ قال الاصطخري (ت328هـ): "بغزوان ديار بني سعد، وسائر قبائل هذيل". وقال الاصطخري: "...وأما نواحي مكة، فإنّ الغالب على نواحيها مما يلي المشرق بنو هلال، وبنو سعد في قبائل من هذيل"(25).
ويفهم من هذا أنّ بني سعد يقطنون المنطقة الكائنة بين هذيل وبني هلال من جهة الشرق، أي شرق مكة والطائف، وهذا يعني أنهم يجاورون هذيلاً في سراة عروان. قال ياقوت الحموي: "وادي رهاط في بلاد هذيل"(26). وقال الهمداني: "وادي جلدان منقلب إلى نجد في شرقي الطائف يسكنه بنو هلال"(27).
وإنّ المتتبّع لبعض النصوص ليرى أنّ ديار بني سعد كنانة قد امتدّت حتى شملت ديار بني هلال وهذيل. يقول الهمداني: "...الزيمة موضع فيه بستان عبدالله بن عبيدالله الهاشمي، وكان في أيام المقتدر على غاية العمارة، وكان يغلّ خمسة آلاف دينار مثقال، وفيه حصن للمقاتلة، مبنيّ بالصخر، ويحميه بنو سعد من ساكنة عروان..."(28).
ويستفاد من نص الهمداني أنّ بني سعد الذين هم أهل الزيمة الواقع في وادي نخلة هم من بني سعد ساكنة عروان.
وقد نص البيهقي على أنّ وادي نخلة من منازل كنانة(29).
خلاصة القول حول بني سعد:
تقدّم نص الهمداني أنّ بني سعد المذكورة في جنوب الطائف هي سعد من كنانة. وذكر الهمداني أنهم يسكنون سراة عروان، وهي جزء من سراة بني شبابة، كما ذكر العلماء وهم الاصطخري وابن حوقل والإدريسي الذين أتوا بعد زمن الهمداني وذكروا بني سعد في هذه الديار. وذكر عرام بن الأصبغ السلمي، من علماء القرن الثالث الهجري، فقال في ذِكر رهاط والحديبية: "هؤلاء القريات لسعد وبني مسروح، وهم الذين نشأ رسول الله فيهم، ولهذيل فيها شيء ولفهم أيضًا..."(30).
وقال في خيف ذي القبر أسفل خيف سلام في وادي نخلة الشامية: "سكانه بنو مسروح وسعد وكنانة..."(31).
ويعلّق الدكتور عيّاد الثبيتي على نص عرام عند قوله: "أنّ سعدًا في كلام عرام ليست سعد بن بكر بن هوازن، وزاد الرواة -النساخ- وهم الذين نشأ رسول الله فيهم لشهرة ذلك وذيوعه؛ فلكل مسلم ولوع بسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، ولسعد بن بكر من هذه البابة شهرة لا تدانيها سعد أخرى...". ثم يضيف الثبيتي عند قوله: "...أفلا يحتمل أن تكون سعد الواردة في كلام عرام من كنانة... خاصة أنّ كنانة من قبائل تلك النواحي. وينبغي أن نتذكر أنّ عرامًا لم يزد على (سعد)..."اهـ(32).
وحول نص عرام بن الأصبغ السلمي، فقد جاء في إحدى النسخ: سعد وكنانة وأعتقد أنه خطأ، ويؤيد هذا ما جاء في نسخة الميمني سعد كنانة وأنّ هذا النص نقله بدون إضافة واو ياقوت الحموي(33). وقد نقل البكري من رسالة عرام إلا أنه أضاف من عنده وسعد هوازن(34)؟! زيادة على نص عرام، وهذا ما لم يذكره عرام السلمي.
كما وقع في هذه الزيادة ياقوت الحموي حيث ذكر سعد بن بكر، وهو ناقل عن عرام، وعرام لم يقل سعد بن بكر لكن ياقوت نقل نص عرام حول خيف ذي القبر عند قوله: "سكانه بنو مسروح وسعد كنانة..."، وهو ما يتفق مع ما نشره الميمني(35).
ويقول الدكتور عيّاد الثبيتي: "والأصل في هذا كله -في ظني- كلام عرام"(36).
قلت: وهذا هو الصحيح؛ إذ مصدرهم وعمدتهم هو رسالة عرام السلمي. وذلك لأنّ سعد كنانة الذين يسكنون خيف ذي القبر، قرب تَنْضُب، في وادي نخلة الشامية، ويسكن مع سعد كنانة في خيف ذي القبر بنو مسروح. أما سعد الثانية فلم يقل عنها عرام أنها سعد هوازن؛ لأنه يقول في ذِكر رهاط والحديبية: "هؤلاء القريات لسعد ومسروح، وهم الذين نشأ فيهم رسول الله ؛ ومعروف أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام نشأ في بني سعد بن بكر بن هوازن. ونص عرام فيه ذِكر لقبيلتين سعد وبني مسروح وإن صح أنّ عرامًا قال: وهم الذين نشأ...إلخ وليس زيادة من النساخ كما قال بذلك الدكتور الثبيتي؛ فهذا يعني أنّ مسروحًا من بني سعد بن بكر بن هوازن.
وقد ذكر ابن الكلبي (ت204هـ) أنّ أبا مسروح من رجال سعد بن بكر، وهو الحارث بن يعمر بن حيّان بن عميرة من بني سعد بن بكر. وقال في موضع آخر من كتابه: "واغتربت صفية بنت العباس عند عبدالله بن أبي مسروح من بني سعد بن بكر..."(37). ورهاط التي تسكنها القبيلتان تقع على نحو 150 كيلاً شمال شرق مكة المكرمة(38). أما الحديبية، فهي على نحو 22 كيلاً غرب مكة(39). وعرام نص أنّ سعد كنانة ينـزلون خيف ذي القبر في وادي نخلة الشامية، وتقدّم نص الهمداني من أنّ سعد ساكني الزيمة في وادي نخلة اليمانية من سعد عروان الذين هم من سعد كنانة والزيمة قريبة، أو تجاور تنضب القريب من خيف ذي القبر.
كذلك ذكرها الأصطخري ومن نقل عنه أنّ بني سعد هؤلاء ينـزلون مع هذيل وبني هلال من نواحي مكة مما يلي المشرق، أي شرق الطائف.
ونلاحظ أنّ هذيلاً يساكنون بني سعد ويشاركونهم في الديار من جهة الشرق والجنوب الشرقي، أي جنوب الطائف الشرقي من بلادهم، فهم معهم في جبال عروان، ويشاركونهم كذلك في رهاط وأيضًا في وادي نخلة.
وبهذا يتضح لنا أنّ ما جاء لدى عرام وهْمٌ يدحضه الواقع؛ إذ أنّ ديار سعد هوازن لم يذكرها أحد من المؤرخين في الحديبية الكائنة غرب مكة المكرمة، والحديبية موضع يعدّ من بلاد كنانة.
ما هي فروع بني شبابة؟
لا تذكر الكتب والمصادر القديمة فروع شبابة، والذي اتضح لنا بأنها من كنانة، ولكن يتبيّن معنا في النصوص القديمة أنّ بني سعد هي فرع من كنانة، وأنّ بلادهم تقع في ديار شبابة كنانة، وهناك أدلّة كثيرة تؤيّد صحة ذلك، منها أنّ شبابة نص على كنانيتها النسابة البلاذري المتوفَّى سنة 279هـ والأزهري المتوفَّى سنة 380هـ. ونجد أنّ عرامًا ينص على أنّ بني سعد هم سعد كنانة، كذلك ينص على هذا الهمداني المتوفَّى نحو 344هـ أنّ سعدًا هي سعد كنانة، وهذا يعني أنّ بني سعد هم من شبابة كنانة؛ إذ البلاد وجزء من السراة هي لشبابة كنانة وديار سعد من غور سراة بجيلة جنوبًا إلى سراة عروان حتى غور رهاط شمال شرق مكة.
وقد حلّ اسم بني سعد محل اسم بني شبابة مع الاحتفاظ باسم شبابة الأصل الأول. ومعروف أنّ الأسماء القديمة أحيانًا يحل محلها، أو يطغى عليها أسماء أخرى من القبيلة نفسها لا تكون بقِدم الاسم الأول.
كما أنّ سراة شبابة طغى عليها اسم سراة بني سعد كما ذكر ذلك الفاسي المتوفَّى سنة 832هـ في ترجمة شيخ الحرم عبد بن أحمد الهروي (ت434هـ): "ثم سكن أبو ذر الهروي عند العرب، وتزوج عندهم بالسراة (سراة بني شبابة) وهي سراة بني سعد، بجهة بجيلة، بمجرى وما حولها من ب