نبذة عن العنصر البشري في الواحات
إن الغالبية العظمى من سكان الواحات من العنصر الحامي بيض البشرة ويختلفون عن العنصر العربي البدوي وعن الزنوج الذين استوطن عدد كبير منهم في بعض الواحات من قبل وطبقاً لتقسيم الباحث ( باتس ) – ينقسم سكان الواحات إلى قسمين رئيسيين:
التحنو ويسكنون سيوة والبحرية
التمحو ويسكنون الخارجة والداخلة والفرافرة وحتى حدود السودان
ذكر الدكتور محمد إبراهيم في كتابه " صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديمة " أن الواحات مرت عليها بعض العصور أصابها التدهور، خاصة من القرن السادس الهجري ... حتى ذكر الإدريسي " أنها بلاد خاوية لا سكان فيها وأنها كانت في زمان سالف معمورة ". والأسباب التي أدت إلى تدهور الواحات في العصر الإسلامي يمكن أن نوردها في الآتي:
انسحاب الحاميات الرومانية بعد الفتح الإسلامي والتي كان منوطاً بها حماية حدود الواحات.
عدم دخول الجيوش الإسلامية إلى الواحات حتى تقوم بدور الحماية.
التوقف عن دفع الإتاوة التي كان يقدمها الحكام الرومان لبعض القبائل المجاورة للواحات اتقاء لشرها.
كل هذه الأسباب كانت دافعاً للإغارة من القبائل المجاورة ( من ليبيا والسودان ) على الواحات لممارسة عمليات السلب والنهب والتنكيل بالأهالي.
وقد أدت هذه الأسباب إلى نزوح وهجرة الأهالي وترك بلادهم خاوية أو شبه خاوية.
إذن هناك مجموعة قليلة من السكان الأصليين الذين ظلوا متمسكين بأرضهم لا يبرحونها ويعرفون حاليا بعائلات السندادية والبهارمة والعزايزة والبدايرة والمحابسية. وهناك عائلات تنتمي إلى النوبيين في قرية باريس وعائلات من البربر في بعض قرى الداخلة. بل أرجح البعض أن البربر هم السكان الأصليون ولكن تبقى العائلات العربية الوافدة على الواحات هي الأكثر والأغلب، بل أن هذه العائلات العربية هي التي استطاعت مع أهالي الواحات الأصليين أن ترد الغارات التي تعرضت لها البلاد ولعل أهم هذه العائلات العربية التي وردت إلى واحة الخارجة ابتداء من عام 300 هجرية.
عائلة الأدارسة من تونس وعائلات الركابية والجواهرة من الحجاز وعائلات الشكاورة والرضاونة من عربان مكة وعائلة الشوامي من الشام .
والغريب أن بعض هذه العائلات استطاعت أن تتولى قيادة هذه المناطق التي استقرت بها مثل عائلة الركابية في الخارجة وغيرها. ويمكن إرجاع تولي هذه العائلات قيادة هذه المناطق التي استوطنوها دوناً عن أهل الواحات الأصليين إلى سببين:
غياب السلطة المركزية للقطر المصري على الواحات في ذلك العهد.
التعهد من هذه العائلات بحماية الأهالي من هجمات القبائل بل كان لهم نصيب مقدر من الأرض والمزروعات وبالطبع كان الأهالي يقومون عنهم بالزراعة باعتبارهم المنشغلين بالدفاع عنهم . غير أن الأمر سرعان ما تغير باستتباب الأمن من قبل الدولة وأصبح القيام على خدمتهم ليس طوعاً لكنه نوع من السخرة.