دراسة جامعية تكشف دور المجالس العرفية فى فض النزاعات بحلايب وشلاتين
الدستور الأصليالدستور الأصلي : 07 - 03 - 2010
المرأة غير مسموح لها بحضور مجالس العرب.. وفي الحالات التي تكون فيها طرفاً في الخصومة يعقد مجلس خاص لا يدعى له إلا الأقارب المقربين من العائلة وشيخها فقط
كشفت دراسة انثروبولوجية أكاديمية أجريت مؤخرا علي منطقة مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد الواقعة علي الحدود المصرية السودانية عن أن المجالس العرفية تلعب دورا رئيسيا ومحوريا في فض النزاعات بين الناس في مجتمع هذه المنطقة، وتشكل وسيلة من وسائل الضبط الاجتماعي غير الرسمي هناك.
واستهدفت الدراسة التي أجرتها الدكتورة سلوي المهدي -أستاذ علم الاجتماع المساعد بكلية الآداب جامعة جنوب الوادي -معرفة دور هذه المجالس في فض النزاعات والخصومات التي تقع بين أفراد المجتمع في هذه المنطقة، بوصفها بديلا ناجحا عن اللجوء إلي المحاكم ووسيلة من وسائل الضبط الاجتماعي غير الرسمي في هذا المجتمع.
واتبعت الباحثة في دراستها منهج المعايشة الحية لأفراد القبائل بهذه المنطقة، حيث أجرت العديد من اللقاءات المباشرة مع شيوخ المنطقة ومع عدد من الرجال والنساء من مختلف الأعمار، بهدف التعرف علي طبيعة العادات والتقاليد ومظاهر الحياة الاجتماعية لسكان المنطقة.
وأوضحت الدراسة أن هذه المجالس تسمي في المثلث ب «مجالس العرب»، وتتكون من مشايخ القبائل وشيخ المشايخ، ويدعي لحضور المجلس أفراد القبيلتين اللتين ينتمي لهما الشخصان المتخاصمان، كما يدعي إليها أيضا الصبية الذكور ولكن دون أن يسمح لهم بالحديث في هذه المجالس الخاصة بالكبار.
ونوهت إلي أن الحكمة من دعوة الصبية لحضور هذه المجالس هي التعرف علي الأعراف السائدة بينهم والتي يتم الحكم بها، ومن ثم يشبون علي طاعتها وتقديسها والحكم بها حين يبلغون مبلغ الرجال، فضلا عن تعريفهم بمدي قسوة الحكم معنويا وماديا علي المخطيء، فيهابون الموقف ويبتعدون عن عمل كل ما يستهجنه المجتمع في المثلث.
وأشادت الباحثة بالحكمة والحنكة وحسن التصرف التي يتمتع بها مشايخ المثلث عند النظر في القضايا الخلافية بين الناس في المثلث، حيث لا يعقدون مجلس العرب فور حدوث الخصومة وينتظرون حتي تهدأ النفوس لتكون لديهم القدرة علي النقاش بهدوء، وبعد فترة يحددون لها ميعاداً يسمي «الَوجاب» أي الشهر الذي سوف يعقد فيه المجلس، ثم يأخذون علي الطرفين ما يسمي ب «القلد» أي القسم، فيقسم الطرفان «الله يا قلاديت» أي أقسم ألا أتعرض للطرف الآخر، وذلك إلي أن يأتي الوجاب وينعقد المجلس.
وأضافت أن المرأة غير مسموح لها بحضور مجالس العرب ، وفي الحالات التي تكون فيها طرفا في الخصومة أو لها حق تشكو لأخذه، يعقد مجلس خاص لا يدعي له إلا الأقارب المقربين من العائلة نفسها وشيخها فقط، لافتة إلي أن مجتمع المثلث يحرص علي تطبيق الشريعة الإسلامية، ويورث النساء بالحق كما جاء في الشرع.
جدير بالذكر أن هذه الدراسة تعتبر الأولي من نوعها في دراسة تأثير المجالس العرفية علي سكان المنطقة ، وتأتي في إطار سياسة جامعة جنوب الوادي واهتمامها بأهمية إجراء الدراسات الاجتماعية في المناطق المصرية النائية.