[size=18]عرب وأتراك .. بالوادي الجديد
الوادي الجديد سنوسي محمد:
الواحات هي منارات ومرافئ في قلب الصحراء كان يؤمها المسافرون لتكون مستقرا لهم في ترحالهم وأطلق المصريون علي الواحات "جزر الرحمة" لانها تعتبر الملاذ الرحيم الذي يقدم الراحة والطمأنينة هبة لكل مرتحل في دروب الصحراء القاحلة. والرومان اطلقوا علي الواحات "نهاية الراحل" أو محطة الاستراحة وكما كانت الواحات منفي لبعض المغضوب عليهم من الأشقياء والمطرودين والمتطرفين في السياسة والدين.
وتعتبر الواحات منذ القدم اقليماً مستقلاً يضم العديد من الواحات "واحة الخارجة والداخلة والفرافرة وباريس" وفضلا عن الواحة المفقودة والتي كانت بالقرب من شرق العوينات وشهدت الواحات موجات من الهجرات العربية والرحلات التجارية عبر دروب الصحراء. وساعدها علي ذلك وقوعها علي الطريق الذي كان يصل في القديم بين مصر والسودان وغانا في الجنوب الغربي وعلي الطريق الذي كان يتفرع منه ليصل بين مصر وبلاد المغرب العربي مرورا بفزان وبرقة بليبيا.
ويقول أنور منصور من موط مدير بالتربية والتعليم بالمعاش تتنوع الأصول التي يرجع اليها أهل الواحات حيث نجد سكان الواحات الأصليين مثل بدنة "السندادية" والركايبة الحرابوة الفياضية بالخارجة والبهانسة والحساينة الحجايزة في بولاق بالخارج ودخلت القبائل العربية المهاجرة للوحات من شبه الجزيزة العربية بعد الفتح الاسلامي "للبهنسا" مباشرة وقبل فتح الصعيد والمغرب في سنة 21 و22 هجري عملا برسالة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلي عمرو بن العاص وأصطبغت الواحات عمارتها بالشكل الاسلامي كما في مدينة القصر الاسلامية والهنداو والقلمون بواحة الداخلة يعيش في القلمون وموط اناس أصولهم اتراك مثل عائلات "طنبور" وقائم مقام "وغيطاس" والجريجية ويسمون انفسهم "الغزو" وتنتشر قبائل المغاربة بواحة الداخلة بقري الراشدة والهنداو واسمنت والقصر والموهوب وتنيده وسكان واحة الفرافرة الأصليين اما عن المشارقة وهم قبيلة الرشايدة تنتشر بقري العروبة وغرب الموهوب وأبومنقار والخرطوم بالخارجة فضلا عن المهاجرين الصعايدة في الستينيات من سوهاج وأسيوط وقنا بقري الخارجة والمهجرين في التسعينات من محافظات الوجه البحري بواحة الفرافرة.
ولعل أهم المراجع التي كتبت في هذا الشأن مذكرة من أربعة وعشرين صفحة من أحد الإخباريين "الحاج إسماعيل البري" وذكر فيها العائلات التي تخلفت عن المسيحيين والرومان قبل إسلامهم وهم علي حسب ترتيبه:
عائلة الجوية وجدهم إسحاق مؤنس.
عائلة الطويهه وجدهم إسحاق مؤنس.
عائلة البهارمة وجدهم لحام.
عائلة السندادية وجدهم رميته.
عائلة العزايزة
البجوات سجلا غنيا لدراسة العمارة الدينية القبطية
عائلة البدايرة وجدهم إسحاق عتال.
عائلة المحابسية وجدهم ورش.
عائلة الحصانية من ناحية باريس وجناح وتنطق الحصينة.
عائلة العبديون
عائلة النعايمة
عائلة الشرايرة
هذه العائلات ما تزال باقية وهي من الركائز الأساسية لسكان الواحات خاصة الخارجة حيث إن من بين هذه العائلات تخرج خطباء مساجد ودعاة إسلاميون.
ويري محمد علي يماني من الموهوب باحث في تاريخ الواحات انه بعد تأسيس الحركة السنوسية علي يد مؤسسها الامام محمد بن علي السنوسي وهي كانت طريقة وحركة دعوية واصلاحية وجهادية وكانت اسسها ترتكز علي نظام الزوايا وخاصة البادية والواحات وفي أخريات القرن الثامن عشر جاء إلي الواحات مشايخ الدعوة السنوسية وهم "سيدي الشيخ محمد الموهوب الدرسي" الي بلدة القصر.
وسيدي "الشيخ رضوان السمالوسي" إلي اسمنت وسيدي الشيخ "مبروك" الي منطقة بلاط بواحة الداخلة وغيرهم بواحة الفرافرة وكان لهم دورا كبيرا في نشر تعاليم الاسلام الصحيحة قولا وفعلا وتحفيظ القرآن الكريم والتصدي للجهل والبدع والخرافات وشرب الخمور وزواج الاخوات من الرضاعة وغيرها من الأمور وذلك بالوعظ والارشاد وأدخلوا الشاي لأول مرة في الواحات 1900 كمشروب بديلا عن اللبجي في الصيف وعرق البلح شتاء الذي كان ينتشر في الواحات قديما.
ثم جاء من ليبيا القائد أحمد الشريف السنوسي عام 1916 الي الواحات الداخلة والفرافرة ومعه جيش مكون 1800 عسكري "سنوسي" لمحاربة الاحتلال الانجليزي علي مصر من الحدود الغربية واستقر عدد منهم في الواحات.
وأشار صلاح صالح علي مدرس من قبائل المغاربة الي ان العلاقات تلاشت وانقطعت عند معظم سكان الواحات بأصولهم وقبائلهم مع مرور الزمن ودخول الحياة المدنية عليهم بعد كثرة هجرة أبناء الواحات إلي القاهرة للعمل والدراسة والعودة إلي الواحات والتي تغيرت في عمارتها القديمة وعادتها وتقاليدها في المسكن والملبس والمأكل وأصبحت معيشتهم مدنية وحضرية الا ان ثمة بعض أبناء قبائل السمالوس والدرسة وبعد أكثر من قرن من الزمن من وجودهم في الواحات تعود العلاقات وروابط الدم والزيارات والاتصالات المتبادلة بكافة أنواعها وعبر شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بين أبناء العمومة بليبيا ومحافظات مصر ومنهم من حصل علي الجنسية الليبية واستقر نهائيا أو العمل موسميا بليبيا.
ونجد قبيلة الرشايدة المنتشرة بمصر والسودان والكويت والسعودية ثمة من جاء من مشايخ الرشايدة من الكويت إلي الواحات الداخلة لعقد مؤتمر لأبناء الرشايدة للتعارف وتم تأسيس جمعية ابناء الرشايدة بقرية العروبة لرعاية الرشايدة وتكون همزة وصل للتواصل مع مشايخ وأبناء القبيلة بمصر وخارجها.
وأوضح سالم محمدرشدان قرية العروبة من قبيلة الرشايدة النساء في الواحات ترتدي الحجاب علي العموم ونساء البدو المشارقة "الرشايدة" هن فقط اللاتي يرتدين البرقع البدوي أما باقي نسوة واحة الفرافرة يرتيدن الشال الأحمر يغطون وجوهن به.
ومع ارتفاع نسبة المتعلمين والمتعلمات علي العموم ساعد كثيرا علي عدم التمسك بالكثير من العادات والتقاليد القديمة ولكن نجد تعدد الزوجات عند البدو وعدم تزويج الفتاة البدوية الا من نفس قبيلتها ولكن تم خرق هذه العادة أكثر من فتاة بدوية.[/size]